ومن يتوكل على الله فهو حسبه

يُروى يا أهل الفلاح، من كرم أهل التقى والصلاح, الروايات الكثيرة، والحكايات الوفيرة, ومنها أن تاجرا عُرف بالثراء، خسرت تجارته فأصبح من الفقراء, وتخلى عنه أهل المنفعة وأغلب الخلان، كعادتهم في كثير من الأزمان

وأصبح وحيداً بعد أن فقد ماله،يحتار كيف يُطعم زوجته وعياله, فكان يذهب إلى السوق، ويعود باليسير الذي لا يبلُّ العروق,وهكذا دارت الأيام والليالي، وليس من أصحابه من يبالي, وجفّت الضروع ، وبكت العيال من الجوع

إذ قد مرّت ثلاثة أيام، لم يدخل منزلهم شيء من الطعام, وكان الوالد قد أخرج ءاخر إناء، ليبيعه عند تاجر ويأتي بشيء من الغذاء, فطرده التاجر طرداً أليما، عاد بعدها الوالد باكياً مهموماً, وفي الليل رفع الرجل يديه ودعا، يرجو الإله فرجاً قريباً ورزقاً واسعا, وقال وهو يرجو الإله فضله، اللهم سُق إليّ في هذه الليلة,عبداً من عبادك تُحبّه، يكون رحيماً واسعٌ قلبه, يُفرّج عني ما أمسيت فيه، ويجري الخير والفضل على أياديه, فلم يكد ينهي كلامه ويمسح وجهه بيديه، حتى فوجئ بدق الباب عليه, فإذا رجل عليه هيبة واحترام، راكباً على دابة وحوله الخدّام

فقال له: كم لك من العيال؟، فأجابه سبعة، ولمَ السؤال؟, فأعطاه كيسا مليئا بالدراهم والدنانير، فكاد الرجل من شدّة الفرح يطير وقال الحمد لله الذي استجاب دعائي، وحقق على يديك رجائي, فسأله الرجل وما كان دعاؤك لربّ البشر؟، فوقف الرجل وأخبره كل الخبر, وأنه سأل الله تعالى أن يُسخّر له من أحبابه، من يُفرج عنه كروبه وما به, فاستحلفه أنه دعا بهذا الدعاء، فحلف له وأجزل له الكريم العطاء, وأعطاه كيساً فيه مائة ألف درهم، والرجل مندهش ممّا يُكرّم, ثمّ الغني رحل، فعنه الرجل سأل, فقيل له: هذا خليفة المسلمين، يخرج خفية في كل حين, فيستطلع الرعيّة، ويكثر من العطيّة, فحمد الرجل ربَّه، أن فرّج عنه كربه, وأتى بالطعام وأطعم العيال، وتغير الأمر من حال إلى حال,وقد كان ذاك الخليفة الكبير، قد وصله خبر ذاك الرجل الفقير,فذهب بذاته، ليكثر من حسناته

وهكذا رأينا، ما به ابتدينا, عن الكرم وأهله، وعن الجود وفضله